محاضرة عن الفضائيات
محاضرة عن الفضائيات
نحن الليلة أيها الأحبة في الله نحتفل في هذا المسجد.......، يحدثنا فضيلة الشيخ العلامة الفاضل عبد الله بن جبرين اسم> عضو الإفتاء المتقاعد ....ويقدم فيها في أدلة العلم ليكشف لنا أثر القنوات الفضائية على المجتمع المسلم. أيها الأحبة لا أريد أن آخذ من وقته كثيرا ....ما يفتح عليه به فهو ... لله تعالى فأتركه وأخلي بينه وبينكم. فليتفضل جزاه الله خيرا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين. صلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد اسم> وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛ فإن الدين النصيحة كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وكرر ذلك بقوله: رسم> الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة. فقيل: لمن؟ - أي لمن تكون النصيحة- قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم متن_ح> رسم> .
ومعنى النصيحة هي الدلالة على ما فيه الخير، والتحذير مما فيه الشر. وهي من حقوق المسلمين بعضهم على بعض؛ أن من علم خيرا محضا لا ضرر فيه؛ فإن عليه أن يدل إخوته عليه؛ سواء كان مما يتعلق بأمور الدين، أو مما يتعلق بأمور الدنيا. وإذا علم المسلم شرا وضررا يتعلق بالأديان أو بالأبدان أو بالعقائد أو بالأخلاق أو بالعادات المعتادة؛ فإن عليه أن يحذر إخوته منه، ويبين لهم خطره على أي شيء يكون ذلك الخطر.
ولا شك أن الواجب على إخوته الذين دلهم على الخير، أو حذرهم عن الشر -أن يتقبلوا منه، وأن يمتثلوا ما نصحهم به وما دلهم عليه، وهكذا كانت حالة الأنبياء مع أممهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: رسم> ما بعث الله نبيا إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، ويحذرهم من شر ما يعلمه لهم، وإن هذه الأمة جعل خيرها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وفتنة متن_ح> رسم> هكذا أخبر صلى الله عليه وسلم.
ولا شك أن نبينا صلى الله عليه وسلم قام بهذا البيان؛ بمعنى أنه نصح أمته وبين لهم الخير وحثهم على التمسك به، وبين لهم الشر وحذرهم من الوقوع فيه، وأوصى بذلك أمته أن كلا من هم عليه أن يبلغ ما تحمله، وأن يحذر الأمة عن الشرور التي تحدق بهم والتي تفتنهم، أو تفت في معتقداتهم. وفي هذه الأزمنة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها آخر الأمة، أخبر بأنه يصيب آخر الأمة بلاء وفتن، وقد وقع ما أخبر.
ورد في بعض الروايات رسم> أنه يكون فتنة في آخر الزمان لا يبقى بيت إلا دخلته، أو دخله ضررها أو شررها رسم> ولا شك أن الفتن يتفاوت ضررها وشرها؛ فمنها ما يضر بالعقائد بحيث يحرف ويصرف المسلم عن عقيدته، ويوقعه في الكفر ويوقعه في الضلال، ويوقعه في البدع أو في المعاصي وكبائر الذنوب، ومنها ما يكون شره وضرره على الأخلاق وعلى الشيم والعادات الحسنة فيغيرها، ويدعو إلى الوقوع في المنكرات واقتراف المحرمات.
ولا شك أن أولى بالإنسان قبل ذلك وبعده أن يسعى في تثبيت عقيدته. إذا علم أن هناك ما يفت في العقيدة وما يضر بها، وما يخل بها، يسعى في تثبيت معتقده قبل أن يفتنه من يريد فتنته، وقبل أن يضله من يسعى في إضلاله عن قصد وعن غير قصد. وطريقة التثبيت إلى العقيدة هي قراءة القرآن وتعلم معانيه، وتدبره وتعقل من جاء فيه؛ فإن فيه الشفاء وفيه النور وفيه الهدى وفيه البيان. وصفه الله تعالى بذلك كله كقوله تعالى: رسم> يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ قرآن> رسم> فوصفه بهذه الصفات التي إذا تحققت للمسلم فهو على سبيل النجاة والفلاح والفكاك.
كذلك وصفه بالبيان في قوله: رسم> هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِين قرآن> رسم> هذا الوصف للقرآن، وصفه بالهدى في قول الله تعالى: رسم> ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ قرآن> رسم> ؛ يعني دلالة لهم. وصفه بالنور في قول الله تعالى: رسم> فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا قرآن> رسم> وفي قول الله تعالى: رسم> وكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ قرآن> رسم> وصفه بأنه روح؛ يعني تحيا به القلوب، ووصفه بأنه نور يهدي به الله تعالى من يشاء.
فنوصي من أراد أن تثبت عقيدته بأن يكثر من سماع القرآن وتدبره وتعقله؛ ففيه ما يرسخ العقيدة التي هي معرفة الله تعالى بآياته وبمخلوقاته. إذا تدبر ذلك عرف أن ربه سبحانه هو خالقه، وهو خالق كل شيء. يأتي آيات متتابعة أو سور متتالية تجد فيها ما يرسخ هذه العقيدة، فتقرأ في سورة القيامة قول الله تعالى: رسم> أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى قرآن> رسم> ذكر الله تعالى الإنسان الذي يحسب أنه مخلوق سدى، وأنه مهمل، وأنه لا يؤمر ولا ينهى؛ فذكره بمبدأ خلقه؛ أنه خلق من نطفة: رسم> أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى قرآن> رسم> .
كذلك في السورة التي تليها قول الله تعالى: رسم> هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ قرآن> رسم> هذه آيات تدل على أن الإنسان إذا تعقبها وتأملها -عرف أنه ما خلق عبثا، وأن الذي خلقه قادر على أن يحاسبه، وعلى أن يجازيه أو يعاقبه. كذلك في السورة التي تليها قول الله تعالى: رسم> أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا قرآن> رسم> إلى آخر الآيات. يذكر الله الإنسان بهذه الآيات التي هي أمانة؛ إذا تعقلها وتأملها، عرف أنها ما خلقت عبثا. كذلك في السورة التي تليها رسم> أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا قرآن> رسم> إلى آخر الآيات.
يذكر الله الإنسان، ويأمره بأن يتفكر في هذه الآيات الكونية العلوية والسفلية التي يشاهدها. لا شك أنه إذا تعقل ذلك وكرره وتأمله، عرف قدرة من خلقه. كذلك في السورة التي تليها رسم> أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا قرآن> رسم> إلى آخر الآيات. وهكذا السورة التي تليها رسم> فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا قرآن> رسم> إلى آخر الآيات.
وهكذا. فنوصي بقراءة القرآن، وبالإكثار من سماعه وتدبره وقراءة تفاسيره التي توضحه، التي تبين المعاني حتى ترسخ العقيدة؛ وحتى إذا جاءت الشبه التي تأتي بها هذه الإذاعات وهذه القنوات؛ اضمحلت قبل أن تصل إلى القلب، احترقت قبل أن يوصلها المذيعون أو قبل أن توصلها الأسماع؛ حيث تجد عقيدة راسخة ثابتة في قلب المؤمن لا تتزعزع.
كذلك أيضا عليه أن يقرأ في السنة النبوية فيما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم؛ فيقرأ الأحاديث التي أخبر بها صلى الله عليه وسلم، والتي تدل على قدرة الخالق سبحانه وتعالى، وعلى ما نصبه من الآيات الكونية التي يلفت بها أنظار عباده إلى قدرته وإلى عظمته. وهكذا أيضا يقرأ في كتب السلف الأئمة الذين نصحوا للأمة الذين يجيئون بعدهم، يقرأ في كتبهم ما يبينون به كيفية العقيدة.
ولا شك أن العقيدة متى رسخت لم تتزعزع ولم يأت ما يغيرها؛ ولو كاد الإنسان من يريد كيده؛ وذلك لأنه يعقد عليها قلبه؛ ينعقد بها قلبه ويمتلئ قلبه، فيمتلئ بتعظيم ربه سبحانه وتعالى، ويعترف بأن ربه الذي خلقه والذي رزقه والذي صوره وأحسن صورته، وأعطاه وأتاه من كل ما يتمناه. يتذكر قول الله تعالى: رسم> وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ قرآن> رسم> يتذكر قول الله تعالى: رسم> أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً قرآن> رسم> .
لا شك أنه إذا تذكر ذلك عرف أنه مربوب، وأن ربه ما خلقه إلا ليعبده، وأن ربه سبحانه الذي خلقه والذي أوجده أهل أن يعبد وأن يحمد. كذلك يؤمن بالأدلة التي تدل على البعث والنشور، والتي دلت عليها الآيات والأحاديث والتي كررها النبي صلى الله عليه وسلم وأكدها؛ لأن من آمن بأنه سوف يبعث ويحاسب ويجازى على أعماله قبل الموت -حرص على أن يعمل لما بعد الموت، فـ رسم> الكيس من دان نفسه متن_ح> رسم> يعني حسبها، دانها واتهمها بالتقصير وبالنقص رسم> والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني متن_ح> رسم> .
فإذا دان نفسه، واتهم نفسه بأنه ناقص، وبأنه مخل للواجبات؛ فإنه يرجع إلى نفسه ويحاسبها، ويعمل الأعمال الصالحة التي تنجيه في آخرته. هذا هو الذي يجب على المسلم؛ إذا آمن بأنه بعد الموت محاسب ومجزي بعمله إن خيراً فخير، وإن شرا فشر؛ آمن بأن الناس كلهم يبعثون، وأن ربهم سبحانه سيجازيهم على أعمالهم رسم> فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ قرآن> رسم> وأنها ستنصب الموازين، وتنشر الدواوين، يقول الله تعالى: رسم> وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ قرآن> رسم> رسم> حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ قرآن> رسم> .
فلا شك أن عليك أن تقرأ ما يرسخ هذه العقيدة في ذاكرتك وفي قلبك؛ حتى تكون من أهل الإيمان الصحيح، الإيمان بالله تعالى وعظمته وقدرته وسيطرته على العباد، وأنه لا تخفى عليه خافية، وأنه يسمعك ويراك أينما كنت، تأمل قول الله تعالى: رسم> الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ قرآن> رسم> كذلك تؤمن بأنه يسمع ما تقوله وما تسره ويعلم ما تخفيه، كما يقول الله تعالي: رسم> لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى قرآن> رسم> رسم> يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى قرآن> رسم> من السر؛ أي ما لم يخطر ببالك؛ ولكن يعلم الله بأنه سوف تحدث به نفسك فيما بعد، فهو عالم بك.
من استحضر أن الله تعالى يراه فإنه بلا شك يعبده حق عبادته؛ ولذلك فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإحسان بقوله: رسم> أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك متن_ح> رسم> ؛ فعلى المسلم أن يسعى فيما يقوي معرفته بربه، ومعرفته بالدار الآخرة، ومعرفته ويقينه بالثواب والعقاب، والجنة والنار؛ حتى يستعد لما بعد الموت. لا شك أن الله تعالى يبتلي عباده في هذه الدنيا ببلايا وبمحن وبفتن تضله وتسعى في إضلاله إلا إذا ثبته الله؛ فلذلك يسأل ربه ويقول: رسم> رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا قرآن> رسم> .
فإن هناك من زاغت قلوبهم، وضلوا عن سواء السبيل، وانحرفوا بعد الاستقامة، وضلوا بعد ما كانوا على سبيل الهداية لأسباب كثيرة أوقعتهم في ذلك الضلال وفي ذلك الانحراف. قال الله تعالى: رسم> فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ قرآن> رسم> ؛ لما أنهم انحرفوا عن الهدى والاستقامة أضلهم الله وأزاغ قلوبهم؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من سؤال الله تعالى الثبات والاستقامة فيقول صلى الله عليه وسلم: رسم> اللهم ثبت قلوبنا على طاعتك رسم> يكثر من الدعاء بالتثبيت فقيل له في ذلك، فقال: رسم> إن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء، فمن شاء أزاغه، ومن شاء أقامه متن_ح> رسم> .
مسألة>